تخصص طب العيون
يعد تخصص الرمد أو طب العيون واحداً من أكثر التخصصات الطبية تميزاً وتكاملاً، فهو يجمع بين دقة العمل الجراحي وحساسية التشخيص السريري، ليشكل مساراً فريداً يجذب نخبة الأطباء حول العالم. إذا كنت طبيباً حديث التخرج وتسعى لاكتشاف مجال يفتح أمامك آفاقاً واسعة في التشخيص والعلاج والبحث العلمي، فإن هذا التخصص يقدم لك فرصة حقيقية لصناعة فارق ملموس في جودة حياة المرضى. في السطور التالية، سنأخذك في جولة تعريفية شاملة معرفة كل مميزات وعيوب تخصص طب العيون، وفهم ماهيته وأبعاده العملية والعملية.
ما هو تخصص الرمد
يُعرَّف تخصص طب العيون بأنه فرع طبي وجراحي يهتم بتشخيص وعلاج أمراض العيون وما يرتبط بها من أجهزة دقيقة مثل الجفون، الملتحمة، والدموع. يجمع التخصص بين الفحص الإكلينيكي الدقيق، الإجراءات العلاجية غير الجراحية، والتدخلات الجراحية المتقدمة التي تتطلب مهارة عالية مثل جراحات الشبكية والقرنية والمياه البيضاء والزرقاء.
ويمتاز هذا التخصص بكونه مجالاً متجددًا يشهد تطوراً سريعاً في التقنيات التشخيصية والعلاجية، بدءاً من استخدام أجهزة التصوير عالية الدقة وحتى تطبيق تقنيات الليزر والميكروسكوبات الجراحية. لذلك فهو يجذب الأطباء الطامحين للجمع بين العمل السريري الدقيق والابتكار العلمي المستمر، مما يفتح لهم آفاقاً واسعة للتخصصات الفرعية والتطوير المهني.
مميزات وعيوب تخصص طب العيون
مميزات تخصص طب وجراحة العيون
يتمتع تخصص الرمد بالعديد من المزايا التي تجعله وجهة مفضلة للكثير من الأطباء. فيما يلي أبرز هذه المميزات معروضة بترتيب منطقي:
1. المكانة المهنية والاجتماعية المرموقة
- تخصص راقٍ ونظيف: يُعرف طب العيون بكونه من "الجراحات النظيفة"، حيث يتعامل الطبيب مع عضو دقيق وحساس هو العين، مما يمنحه مكانة خاصة واحتراماً كبيراً في الوسط الطبي والمجتمع.
- رضا وظيفي عالٍ: كونه تخصصاً جراحياً بالأساس، فإنه يمنح الطبيب شعوراً كبيراً بالإنجاز والرضا عند تحقيق نتائج إيجابية ومباشرة لتحسين حاسة الإبصار لدى المرضى.
2. جودة حياة وعمل متوازنة
- طبيعة عمل مريحة: يُعتبر من التخصصات المريحة نسبياً، حيث إن عدد المناوبات (النبطشيات) قليل، مما يوفر للطبيب نمط حياة مستقراً.
- ندرة الحالات الطارئة: تنحصر معظم الحالات الطارئة في نطاق ضيق جداً (مثل انفجار مقلة العين "Rupture Globe" أو الجلوكوما الحادة "Acute Glaucoma")، مما يجعله مثالياً لمن يرغب في تجنب ضغط أقسام الطوارئ، ويعتبر من أنسب التخصصات للطبيبات.
3. الاستقلالية المهنية العالية
- تخصص قائم بذاته: يتميز طب العيون باستقلاليته عن باقي التخصصات الطبية. فالتداخل مع أقسام الباطنة أو الجراحة العامة محدود ويقتصر على حالات نادرة، مما يمنح طبيب العيون سيطرة كاملة على إدارة حالاته.
- صعوبة التدخل من غير المتخصصين: نظراً لطبيعته الدقيقة والمعقدة، لا يترك التخصص مجالاً للآراء أو التدخلات من خارج المجال، مما يمنح الطبيب حرية ومسؤولية كاملة في اتخاذ قراراته العلاجية.
4. المرونة وتعدد المسارات المهنية
- تنوع مجالات العمل: يتيح التخصص للطبيب حرية اختيار المسار الذي يناسب ميوله:
- المسار الطبي (Medical): التركيز على تشخيص وعلاج أمراض العيون في العيادة، بعيداً عن ضغط العمليات الجراحية.
- المسار الجراحي (Surgical): التخصص في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة لمن يجدون شغفهم في هذا الجانب.
- المسار التشخيصي (Investigations): التخصص في الفحوصات التصويرية والتشخيصية المتقدمة للعين.
- عوائد مادية جيدة مع الوقت: يوفر التخصص فرصاً ممتازة للعمل الخاص، سواء من خلال افتتاح عيادة شخصية أو الانضمام إلى المراكز الطبية المتخصصة.
5. مجال خصب للتطور والبحث العلمي
- مواكبة التكنولوجيا: يرتبط طب العيون ارتباطاً وثيقاً بالتطور التكنولوجي، مع ظهور مستمر لأجهزة تشخيصية وعلاجية مبتكرة، مما يفتح آفاقاً واسعة للتعلم المستمر.
- فرص بحثية واعدة: هذا التطور المستمر يجعله مجالاً غنياً بالفرص البحثية (Research) لمن لديهم اهتمامات أكاديمية.
عيوب وتحديات تخصص طب وجراحة العيون
على الرغم من مميزاته العديدة، يواجه أطباء العيون مجموعة من التحديات والعقبات التي يجب أخذها في الاعتبار قبل اختيار هذا المسار.
1. منحنى التعلم البطيء وتأخر العائد المهني
- صعوبة البدايات: يتطلب التخصص وقتاً طويلاً في البداية لإتقان استخدام الأجهزة التشخيصية المعقدة (مثل المصباح الشِقّي - Slit Lamp)، وفهم كيفية التعامل معها، وهو ما يختلف عن تخصصات أخرى قد تكون الممارسة السريرية فيها مباشرة أكثر.
- بطء اكتساب المهارات الجراحية: التقدم في الجانب الجراحي بطيء ويتطلب صبراً كبيراً، حيث قد يقضي الطبيب المقيم فترة طويلة في الملاحظة والدراسة قبل أن يبدأ في الممارسة الفعلية، وذلك بسبب حساسية ودقة الجراحات.
- ارتباطه بعلوم أساسية: يتطلب التخصص فهماً عميقاً لعلم الفيزياء والبصريات (Optics)، وأي ضعف في هذه الأساسيات قد يشكل تحدياً للطبيب.
- تأخر ممارسة العمل الخاص (Private): بسبب منحنى التعلم الطويل والصعب، يتأخر الطبيب في الشعور بالثقة الكافية لبدء عمله الخاص مقارنةً بتخصصات أخرى.
- منافسة شديدة: يُعد الحصول على فرصة تدريب في مكان متميز أمراً تنافسياً للغاية، مما يضع ضغطاً إضافياً على الأطباء الجدد.
2. الطبيعة المعقدة والدقيقة للجراحات
- جراحات مجهرية حساسة: تتم جراحات العيون في حقل جراحي صغير جداً، وتعتمد كلياً على المهارات الحركية الدقيقة واستخدام الميكروسكوب الجراحي.
- لا مجال للخطأ: أي خطأ، مهما كان صغيراً، يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على نظر المريض، مما يضع ضغطاً نفسياً كبيراً على الجراح.
3. تحديات التشخيص والاعتماد على المهارة الذاتية
- تشابه شكوى المرضى: غالباً ما تكون شكاوى المرضى متشابهة ومحدودة (مثل ضعف النظر، الحرقان، أو زيادة الدموع).
- الاعتماد على الفحص الدقيق: يعتمد التشخيص بشكل شبه كامل على مهارة الطبيب وقدرته على استخلاص العلامات السريرية الدقيقة خلال الفحص، وليس على ما يرويه المريض فقط.
4. متطلبات التدريب الصارمة والمكلفة
- الحاجة الماسة لمراكز تدريب متقدمة: يعد هذا من أكبر التحديات، حيث إن إتقان التخصص يعتمد كلياً على التدريب في مستشفى أو مركز مجهز بتقنيات حديثة. أماكن التدريب عالية الجودة نادرة، والتدريب في مكان غير مؤهل قد يحد من تطور الطبيب بشكل كبير.
- الاعتماد على المُدرِّب (السنيور): يعتمد تطورك الجراحي بشكل مباشر على خبرة ورغبة الطبيب الأقدم في تعليمك ونقل خبراته إليك.
- التكلفة المادية المرتفعة: تجهيز عيادة خاصة بطب العيون يتطلب استثماراً مالياً ضخماً بسبب ارتفاع أسعار الأجهزة والمعدات المتخصصة.
6. تحديات اجتماعية خاصة بالطبيبات
قد تواجه الطبيبات تحدياً إضافياً في الجانب الجراحي، حيث لا يزال بعض المرضى في مجتمعنا يفضلون إجراء العمليات الجراحية عند طبيب رجل، مما قد يدفع بعض الطبيبات للتركيز على الجانب الطبي (غير الجراحي) من التخصص، وهو ما قد لا يرضي طموحهن الجراحي.
المسارات المهنية والسفر في تخصص طب العيون
بعد فترة التدريب الأساسية، تتعدد المسارات المهنية أمام طبيب العيون، سواء داخل البلاد من خلال العمل الخاص أو خارجها.
مسارات العمل الخاص (البرايفت)
يوفر تخصص طب العيون فرصاً متنوعة للعمل الخاص، ويمكن للطبيب اختيار المسار الذي يناسب خبرته وطموحه:
1. العيادة الخاصة المستقلة:
تحتاج إلى الحصول على شهادة عليا (ماجستير أو بورد) وخبرة كافية، ويتركز العمل فيها بشكل أساسي على الفحوصات الروتينية (مثل وصف النظارات الطبية) وعلاج الحالات الشائعة (مثل الالتهابات). لتحقيق النجاح والقدرة على المنافسة، من الضروري إتقان الجراحات الأكثر طلباً في سوق العمل (مثل عمليات تصحيح الإبصار بالليزك، والمياه البيضاء، وجراحات الحول)، مع إمكانية التعاون مع استشاريين في الحالات المعقدة.
2. العمل في المستوصفات والعيادات المجمعة:
يمكن البدء في هذا المسار بعد اكتساب سنة من الخبرة العملية (كطبيب نائب)، وهذا يمثل فرصة جيدة في بداية المسار المهني، حيث يعمل الطبيب بنظام الدوام الجزئي. يشمل العمل الحالات الروتينية، مع تحويل الحالات الجراحية أو إجرائها بنفسه إذا كان مؤهلاً لذلك.
3. المراكز والمستشفيات الخاصة الكبرى:
تختلف المتطلبات لهذا القسم من العمل حسب المستشفى، وغالباً ما تتطلب خبرة عملية وشهادات معينة. يتضمن دور الطبيب المقيم أو الأخصائي فيها المراكز والمستشفيات الخاصة تحضير الحالات للاستشاريين الكبار، سواء في العيادات أو للعمليات. يُعد هذا المسار فرصة ممتازة لاكتساب الخبرة، وتعتمد الأجور على مستوى الخبرة والشهادات الحاصل عليها الطبيب.
4. التخصص في الفحوصات التشخيصية المتقدمة:
يعد هذا المسار مثاليا لمن يفضلون الجانب التقني والتشخيصي بعيداً عن الجراحة. يتضمن إجراء فحوصات وأشعة متخصصة للعين، مثل: تصوير القرنية، الموجات فوق الصوتية، تصوير الشبكية بالصبغة، واختبارات تخطيط الشبكية والعصب البصري.
5. التركيز على قوائم العمليات الجراحية:
يمكن للطبيب بناء سمعته كجراح والتركيز على إجراء العمليات، بدءاً من الجراحات البسيطة (مثل إزالة الكيس الدهني) وصولاً إلى الجراحات المعقدة (مثل عمليات الشبكية والجسم الزجاجي).
فرص السفر والعمل بالخارج
1. دول الخليج العربي:
تعتبر الفرص جيدة، ولكن غالباً ما تكون للمسمى الوظيفي "أخصائي". يتركز دور الأخصائي بشكل كبير على العمل في العيادات وتشخيص الحالات، بينما تكون ممارسة الجراحات المتقدمة في الغالب حكراً على الأطباء بدرجة "استشاري".
2. أوروبا ودول الغرب:
يُعتبر المسار متوسط الصعوبة ويتطلب تخطيطاً طويل المدى. ومن ضمن الصعوبات التي تحيطه هو تطلب الحصول على شهادات الزمالة المعادلة، وإثبات الكفاءة اللغوية، واجتياز اختبارات مهنية صارمة نظراً للتنافسية العالية في هذا التخصص عالمياً.
نظام دراسة وتدريب تخصص الرمد في مصر (برنامج الزمالة)
يُعد برنامج الزمالة المصرية المسار الرئيسي المعتمد لتدريب أطباء العيون في مصر. يهدف البرنامج إلى تخريج طبيب متخصص يمتلك المهارات الإكلينيكية والجراحية اللازمة للممارسة الآمنة والمستقلة.
1. مدة دراسة طب العيون في الزمالة
تمتد فترة التدريب المعتمدة (النيابة) في تخصص طب العيون إلى أربع سنوات. قد تختلف هذه المدة بشكل طفيف بناءً على المسار الذي يتبعه الطبيب (تدريب جامعي، وزارة الصحة، إلخ) واللوائح التنظيمية الخاصة بكل جهة.
2. هيكل التقييم والامتحانات
ينقسم التقييم خلال فترة الزمالة إلى جزأين رئيسيين لضمان التدرج في اكتساب المعرفة والمهارات:
امتحان الجزء الأول (First Part):
يُعقد عادةً بعد إتمام السنة التدريبية الأولى، ويركز بشكل أساسي على العلوم الطبية الأساسية المتعلقة بطب العيون (Basic Science) ومبادئ البصريات (Optics)، وهما حجر الأساس لفهم التخصص بعمق.
امتحان الجزء النهائي (Final Part):
يتقدم له الطبيب بعد استكمال كامل مدة التدريب المقررة بنجاح. وهو عبارة عن امتحان شامل يقيّم المعرفة الإكلينيكية والجراحية المتقدمة التي اكتسبها الطبيب طوال سنوات التدريب. وعادةً ما يتبعه اختبارات إكلينيكية وشفوية لتقييم الكفاءة العملية والمهنية.
3. التدريب العملي المتخصص
كجزء لا يتجزأ من البرنامج، يُلزم الطبيب بقضاء فترة تدريبية متخصصة في مجال الفحوصات التشخيصية المتقدمة. يتم هذا التدريب في أحد المراكز المعتمدة، سواء كانت تابعة لجهات حكومية أو للقطاع الخاص، وذلك لضمان اكتساب الطبيب خبرة عملية على أحدث الأجهزة والتقنيات التشخيصية المستخدمة في طب العيون.
أسئلة شائعة حول تخصص الرمد
هل طب العيون له مستقبل؟
بكل تأكيد، يُعد تخصص طب العيون من أكثر المجالات الطبية إشراقاً وضماناً على المدى الطويل. يستند هذا المستقبل الواعد إلى ركيزتين أساسيتين: الطلب المتزايد والتطور التكنولوجي المتسارع. فمن جهة، يسهم تزايد أعداد كبار السن وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم في زيادة الحاجة إلى علاج أمراض العيون المرتبطة بها، كالمياه البيضاء، الجلوكوما، واعتلال الشبكية.
ومن جهة أخرى، يقف طب العيون في مقدمة التخصصات الطبية التي تتبنى أحدث التقنيات، سواء عبر جراحات الليزر المتطورة، العدسات الذكية، العلاجات الجينية والبيولوجية، أو أدوات التشخيص المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. هذا التداخل بين حاجة طبية أساسية لا يمكن الاستغناء عنها وابتكارات تغير حياة المرضى بشكل جذري يجعل من طب العيون ليس مجرد تخصص ذي مستقبل جيد، بل أحد أكثر التخصصات الطبية تطوراً وحيوية وقيمة في العصر الحديث.
دراسة طب العيون كم سنة؟
إن المسار لتصبح طبيب عيون هو رحلة طويلة تتطلب التزامًا أكاديميًا وتدريبًا مكثفًا، حيث يتراوح إجمالي المدة بين 10 إلى 14 عامًا بعد المرحلة الثانوية، وذلك يختلف بناءً على نظام التعليم الطبي في كل دولة. يمكن تقسيم هذه الرحلة إلى عدة مراحل أساسية تبدأ بدراسة الطب العام وتنتهي بالتخصص الدقيق في طب وجراحة العيون، وقد يليها تخصصات فرعية أدق تزيد من سنوات الدراسة والتدريب.
تبدأ الخطوة الأولى بالحصول على شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة، والتي تستغرق عادةً من 5 إلى 6 سنوات دراسية، تليها سنة تدريبية إلزامية تُعرف بـ "سنة الامتياز"، وهي ضرورية لتطبيق المعارف الطبية الأساسية في مختلف الأقسام. بعد إتمام هذه المرحلة بنجاح والحصول على ترخيص مزاولة المهنة، يبدأ الطبيب مرحلة التخصص الفعلية بالالتحاق ببرنامج الإقامة أو الزمالة في طب العيون. هذه المرحلة هي جوهر التخصص وتستغرق من 4 إلى 5 سنوات في معظم الدول العربية مثل مصر والسعودية، بينما قد تصل إلى 7 سنوات في دول مثل المملكة المتحدة.
خلال هذه السنوات، يتلقى الطبيب تدريبًا سريريًا وجراحيًا معمقًا في كافة مجالات طب العيون، بدءًا من تشخيص الأمراض الشائعة وصولًا إلى إجراء الجراحات الدقيقة. وللراغبين في التميز أكثر، يمكنهم إضافة سنة إلى سنتين أخرى للحصول على زمالة في تخصص دقيق مثل جراحات الشبكية والجسم الزجاجي، أو أمراض القرنية، أو طب عيون الأطفال والحول، مما يرفع إجمالي سنوات الدراسة والتدريب إلى حده الأقصى.
طب العيون كم يحتاج معدل؟
يُعتبر طب العيون من أكثر التخصصات تنافسية، لذلك عادة ما يُتاح فقط للأطباء الذين يحققون أعلى المراتب الأكاديمية بين زملائهم. لا يوجد معدل رقمي ثابت يضمن القبول، إذ يعتمد الأمر على موقعك التنافسي داخل دفعتك، وعدد المقاعد المتاحة سنوياً، إضافةً إلى مستوى الدرجات العامة للمتقدمين.
وغالباً ما يُطلب أن يكون الطبيب ضمن الشريحة الأعلى من خريجي كليته – أحياناً ضمن أعلى 5% – حتى تتاح له فرصة حقيقية في الحصول على هذا التخصص. ويرجع ذلك إلى كونه من “تخصصات القمة” التي تجمع بين المكانة المرموقة، التوازن في أسلوب الحياة، ودقة الممارسة الجراحية والسريرية. لذلك، لا ينبغي التركيز على معدل رقمي بعينه بقدر ما ينبغي السعي لتحقيق أعلى ترتيب أكاديمي ممكن لزيادة فرص القبول بشكل ملموس.
كم راتب طب العيون؟
يصعب وضع رقم محدد لدخل طبيب العيون، إذ لا يقتصر الأمر على "راتب شهري ثابت"، بل يعتمد على منظومة متكاملة من العوائد تختلف بشكل كبير وفقاً لعوامل مثل الخبرة، مكان العمل، والقطاع الذي ينتمي إليه الطبيب. بشكل عام، يُعتبر طب العيون من التخصصات ذات الدخل المرتفع على المدى الطويل، لكنه يبدأ بمستوى متواضع في سنوات التدريب والنيابة حيث يقتصر الدخل على الرواتب الحكومية أو ما توفره المستشفيات الجامعية.
ومع التدرج إلى مستوى الأخصائي ثم الاستشاري، تتغير الصورة جذرياً. ففي القطاع الحكومي أو الجامعي يكون الراتب مستقراً لكنه محدود بسلم وظيفي واضح، بينما يُعد العمل في القطاع الخاص أو افتتاح عيادة خاصة المصدر الحقيقي للدخل. فالعائد لا يرتبط فقط بعدد الاستشارات، بل يعتمد بالأساس على العمليات والإجراءات الجراحية، مثل تصحيح الإبصار بالليزر، جراحات المياه البيضاء وزراعة العدسات، وجراحات الشبكية، والتي تمثل الشريحة الأكبر من الدخل.
كما يلعب الموقع الجغرافي دوراً محورياً؛ إذ يُحقق أطباء العيون في الخليج أو الدول الغربية دخلاً أعلى بكثير مقارنةً بنظرائهم في مصر، حتى مع نفس مستوى الخبرة. وبذلك يمكن القول إن دخل طبيب العيون يبدأ محدوداً، لكنه ينمو تدريجياً ليصل إلى مستويات من بين الأعلى في المجال الطبي، خاصةً لمن ينجح في بناء سمعته وعيادته الخاصة.
هل تخصص طب العيون صعب؟
نعم، وكما تم توضيحه في قسم "التحديات"، يتطلب التخصص دقة استثنائية وصبراً كبيراً خلال مرحلة التدريب، سواء في إتقان العلوم الأساسية أو المهارات الجراحية المجهرية.
لكن ما يميز هذه الصعوبة هو أنها استثمار يتركز في مرحلة مبكرة. فبعد تجاوز منحنى التعلم الطويل، يتمتع الطبيب بمسار مهني يجمع بين الإنجاز الكبير وجودة الحياة المتوازنة، مما يجعلها تحدياً مجزياً على المدى الطويل.
أفضل مصادر شرح مادة الرمد
بدايةً، نسأل الله أن يبارك في علم وجهد دكاترتنا الأفاضل، وأن ينفع بهم أجيال الأطباء القادمة. اختيار المصدر المناسب للمذاكرة هو الخطوة الأهم في رحلتك مع طب العيون، وإليك قائمة بأبرز الخيارات المتاحة:
يُعتبر خياراً مثالياً لمن يبحث عن منهج متكامل ومنظم. فيديوهاته تغطي المنهج بالكامل بجودة عالية، وهو ما يجعله كافياً تمامًا كمصدر أساسي للمذاكرة، حيث إنه من النادر إيجاد محتوى شامل ومصور بالكامل لمصدر واحد في طب العيون.
يتميز بشرحه الممتاز، وتتوفر له تسجيلات صوتية (ريكوردات) ذات جودة عالية. ولتعويض غياب الفيديو، تتوفر صور "البورد" الخاصة بالكورس (اضغط هنا لتحميلها)، مما يتيح لك متابعة الشرح بصرياً وكأنك في المحاضرة.
د. أمجد دويدار (فيديوهات المراجعة):
شرحه رائع وموجز. تُعتبر فيديوهاته مثالية لمرحلة المراجعة النهائية وتثبيت المعلومات، لكن قد لا تكون الخيار الأفضل للبدء في المذاكرة من الصفر نظراً لطبيعتها المركزة.
يُعد من أفضل الخيارات لطلاب الطب في مصر والوطن العربي، خصوصا أنه يقدم شروحات متنوعة منها المفصل، ومنها شروحات المراجعة التي تساعد الكثير من الطلاب في حالات ضيق الوقت.
يحظى بإشادة واسعة من قبل العديد من الطلاب. من أبرز مميزاته توفر شرحه على هيئة فيديوهات، مما يسهل عملية الفهم والمتابعة بشكل كبير.
يمتاز بجودة شرحه، ولكنه متوفر على هيئة تسجيلات صوتية فقط. قد يمثل ذلك تحدياً للبعض، حيث إن الطبيعة البصرية لطب العيون تجعل من الشرح بالفيديو أمراً ضرورياً للكثيرين.
قائمة تشغيل نالت استحسان بعض الطلاب، ويمكن تجربتها كخيار إضافي لمن يبحث عن تنوع في المصادر.
خاتمة عن تخصص طب العيون
في الختام، يمثل تخصص الرمد مزيجاً فريداً بين الفن والعلم، وبين الدقة الجراحية والعمق التشخيصي. إنه مسار يتطلب الصبر والمثابرة في بداياته لإتقان مهاراته المعقدة، لكنه يكافئ أصحابه في المقابل بالقدرة على إحداث تأثير مباشر وفوري في حياة المرضى، وإعادة نور البصر إليهم. مع مستقبله الواعد الذي يغذيه التطور التكنولوجي المستمر والحاجة الديموغرافية المتزايدة، يظل طب العيون ليس مجرد تخصص، بل هو دعوة لأولئك الذين يملكون الشغف بالدقة، والطموح لإحداث تغيير ملموس في حياة الناس، مع التمتع بمكانة مهنية مرموقة وجودة حياة متوازنة.
ولا يسعنا في الختام إلا أن نتوجه بعظيم الامتنان والتقدير إلى من كانوا الركيزة الأساسية لهذا العمل، السادة الأطباء:
- د. أحمد عشماوي
- د. محمد الكاشف
- د. منى عزت
- د. أحمد جابر
الذين تفضلوا مشكورين ببذل الجهد والوقت لإثراء هذا المقال بمعلومات قيّمة ودقيقة حول تخصص طب العيون، فلهم منا كل الشكر على مساهمتهم الفعالة.